الغامضةُ الوضَّاحَــهْ (القصيدة الأخيرة) عبدالله البردُّوني

 
منْ مرَّتْ؟. بنت الطلاَّحهْ
الأجلى والأجنى راحَهْ

الأفضى وجهاً والأنقى
مِن قُـبَـلِ الفجر النضَّـاحهْ

لِنَثيثِ سُــراها أجنحَة
تطوي ما أفشت بـوَّاحهْ

ماذا ترعين؟. عظام دجىً
وخلايا أطلالٍ قـزَّاحهْ

كي تستصفي وطناً نرمي
عن ذا (جبّـته) القـيَّاحهْ

* * *

مِن أخفى ينبوعٍ صعدتْ
تدعو (الأدياك) الصياحهْ

وُلدّتها محبرةٌ بـكـرٌ..
فصَـبتْ كاتبةً صفَّـاحهْ

واختصرت كُـتباً ما انكـتَـبتْ
ترويها عن فمها السَّـاحهْ

وطّـنتُ على الخوف الوالي
نفسي، فتوقَّى الطـمَّـاحهْ

وصعدتُ على دمهِ ودمي
فتهاوى كِـسَـراً قحقاحَـهْ

لولا توطين النفس غـدَتْ
مِـنّا وعلينا جـنَّـاحهْ

عـلِّـمنا الجرأة يا وطني
سبق الهجمات المجتاحَـهْ

* * *

يا تلُّ هل البشرى مـسَّـتْ
فتعم السهرى صـبَّـاحهْ

ألِـبيتكمو بابان؟ ومّن
حمَّـله سقفاً ومساحَــــهْ؟

هل هذي البيضة بيتكمو؟
عنها كـسَّرنا الفـتَّاحهْ

أوَ ما جاورتم أربعةً
روماً أزواج الطناحهْ!

وأراد القصر يزحزحنا
مِنَّا أركبناه رياحــــهْ

وهمستَ: هناك هنا ماذا
هل ذات الأزواج مُباحهْ؟

من سمَّى أحفاد (اللنبي)
-إذْ رجعوا- مثلي سوَّاحهْ؟

* * *

هل كنت هناك غداة طَـوَتْ
في كل حصاة إلماحهْ؟

وجهي ويداها والوادي
تحت الآلات الكـسَّـاحهْ

أسمعت صليل حصىً؟ غطّـت
سمعي طاحنةٌ نحناحَـهْ

* * *

أفضَـت نسمات الفجر؟ أرى
برقين وأرضاً لقَّاحَـــهْ

الآن توشِّى مرجعّـها
وعليها ترخي الطـرَّاحـــهْ

تقتاد البرق إلى فمه
يذكي جمرته الفصَّــاحـــهْ

تستخفي ثانيةً تدعو:
قُـومي يا الأرض النـفّـاحـهْ

يتلاقى الأعلى والأدنى
ببنان الأمّ المـسَّـاحــهْ

فتموج الأرض سنىً وندىً
كسماءٍ أخرى سـبَّـاحـــهْ

الأيكة تغشى جارَتَها
حُـبَّـاً والأسرار إباحهْ

يمتد الوادي أودية
ورفيفُ رياضٍ صـدَّاحـــهْ

وحقولٌ أسخى تستعلي
وتصبُّ كروماً لـوَّاحــــهْ

وفجاجُ القمح تميد صِبَاً
وتُحـنِّـي الأيدي القـمَّـاحــــهْ

وسهولٍ وربىً ناهدةٌ
ورياضٍ تُـدعى المـنَّـاحـــهْ

* * *

أحنى بالراعي والمرعى
بالأرض الجرحى الجـرَّاحـــهْ

المرضعةُ الحُـبلى الأشقى
بنيوب الطِّـين الذبَّاحـــــــــهْ

بدم القتلى تطوي قتلى
وتُـميل الطُـرُقَ القـبَّاحـــــهْ

* * *

تبكي مَن ماتوا مَن وُلِدوا
لِيَموتوا، فالعمر مَـناحَــــهْ

يقعُ المولود بلا سببٍ
فيرى لُقيا الموت مُتاحــــهْ

والتجربتان كواحدةٍ
هل مِن ثالثةٍ نجَّاحــــهْ

ودعت (سَبْلى) لِمْ لا تندى
يا وجه الأرض الملتاحـــهْ؟

أترى الأغنام تموت طوىً
في نصف السَّبع الشحّاحــــهْ

مَن موّتها أدمى دمعي
وأسال عظامي القـرَّاحـــــهْ

أرَمَـتْ بي أرضاً ثانية
ورُباها بدمي سـرَّاحـــهْ

مِن أين إليها أرمي بي
وأشمُّ شذى تلك الواحـــهْ

* * *

مَن قالت أنجُمَنا أصفرَّتْ
وأجْمَرَّ حَصانا يا صــاحَـــهْ

وعصافيرُ البّر احترقَتْ
فوق الأشجار الصـوَّاحــــهْ

قالوا: (صنعا) الأولى وَّلـتْ
والأخرى عنها نـزَّاحــــهْ

تأتي (أمريكا) مِنْ (روما)
ترمي مِن (سينا) القُـرداحــــهْ

من صنعاء تحسو أسمرةً
ومن (الدهنا) طَـور الباحـــهْ

وأبي أعنى بقبول (عطا)
لي زوجاً، يدهُ سـنَّاحــــهْ

ألِهذا حالٌ، هل أثرى
والأمّة موتى كدَّاحـــــــــــهْ؟

* * *

-2-
سأَلت شوحطـةٌ رابيـةً
أرأيت الأحنى المسماحَـــهْ

أوْلت (ريحان) رواتعها
واحترقت أشباح الظاحـــهْ

وإلى أين انتوت المسرى
فوق الحـيَّات الفـحَّاحــــــهْ؟

حـرَّقتُ عيوني ألمحُها
خيَّلتُ الهضبة منزاحـــــــــهْ؟

قالت ريحٌ أصعدتُ فتىً
أدرى بالحُـفَر الكباحــــــهْ

فاجتاز بها الأنياب إلى
ظهر القافلة الرزَّاحـــــــــهْ

أأقول إلى أين المسعى؟
مَن هذي: تُدعا المضراحـــهْ

من أقصى واديها يرخي
بلدي للغيمات وشاحـــــــهْ

قال الراوي ومضت سعياً
والضحوة نعسى رواحـــــهْ

* * *

فتشاكى الطلح وشكواه
مِن فقد الأنثى فضَّـاحــــهْ

كم غنَّـتـنا وبكت منّا
وكستنا قـبَلاً وملاحـــــــهْ

وأحالت أشواكي هذي
سنبلةٌ هاتيك أقاحــــــــهْ

وهناك حقولٌ وارفةٌ
تنصبّ كروماً لـوَّاحــــــهْ

كانت أمّاً زوجاً أختاً
مسعدةً بنتاً ممراحـــــــهْ

قال الراوي: كست الصحراء
وحَدَت خضرتها الفـوّاحـــــــهْ

ألها عشقٌ؟ تبدو سهلاً
تدنو تلقاها رمَّـاحـــــــــهْ

ما ظن الطاغي ذاك يرى
فيها طاغيةً مـزَّاحـــــــــهْ

ردّته عُوداً معوَجَّـــاً
وأجادت كّذِبَ المـدَّاحـــــــهْ

* * *

وافيتَ مُحباً عُدْتَ كما
شم العصفور التـفَّاحـــــــــهْ

ورأيت الرفق بشاردةٍ
فعقلت قواك الجمَّـاحـــــــــهْ

لو شئت تمدُّ يداً قالت:
من ذا شاهدني سـفَّاحــــــهْ؟

قال الراوي: ماذا سأرى؟
جحجاحاً لاقى جحجاحــــــهْ

هذي أمسية ساحرةٌ
تمضي شاديةً وشَّـاحــــهْ

قل يا راوي فيما جاءت
كي تنسى أمسية (الجــاحــــهْ)

* * *

قولي خلّفتيني شذَراً
من يدري ترجمة الآحـــــــــهْ؟

يا (ريحان) المسكين لنا
وعد باللقيا الفـرَّاحـــــــــهْ

هل أنت دعوت مخالفتي؟
أعراف النسوان وقاحــــهْ

سترَين دموعي منبتةً
شُـهباً ونخيلاً بـلاَّحـــــــهْ

* * *

من ذا يدعوني أعرفهُ
خـفّت فرحى كالترَّاحـــــــهْ

هذا عمي القاضي وافَى
هل أفنت يده أرماحَــــــــهْ؟

وأراد يقوم فصرَّ بهِ
نسرٌ قضَم الوكرُ جَـنَاحـــــــهْ

فحنت جبهتها دامعةً
فأبى وانحدرت منسـاحـــهْ

سترين هنا حيَّاً أحفى
بدليلة أحلى إصباحَـــــــه

أقدرَني أصباني أذكى
خلفي قدّامي أرواحـــــــــهْ

مَن تلك الجلوى يا عمي؟
بنت ابني الثاني (رجَّـاحـــــه)

أخشى أن يُغريها زوجٌ
طرقوا ما لاقوا فتَّـاحــــــهْ

فأدارت أعمالي أدرى
مني راغبةٌ نـصَّاحــــــهْ

أتلاقينا يوماً؟ يبدو
بزفاف (حسين المدواحَـــهْ)

كم مّرت سنواتٌ عشرٌ
وتلتها تسعٌ كلاَّحـــــــــــهْ

كنتِ الغصن النامي وأنا
محنيٌ تعلوك صبـاحَــــهْ

… خذها يا أبتِ من تُدعى؟
واحدتي تطوي تمساحَــــهْ

حجبَتْ بالببسي ما ينسي
رمَت العنّين بشلاّحـــــهْ

كم ساقت بنت التسع فتىً؟
أمّاً غامضةً وضَّاحَـــــــهْ

* * *

قالت: أهلي لبَّوا (حيفا)
وقصدتُ (حضوراً وشَلاحَــــــهْ)

حضَـنَتني (الغرزةُ) والمحمى
وسُفوح (الجرعا) ورُكَاحـــــــهْ

* * *

وإلى (التَّواهي) أركَـبَني
صالوناً نجم (المقراحَـــــــهْ)

ها نتعشَّى؟.. أهُنا أمي؟
قفزَت كالفرس الضَّـبَّاحَـــــهْ

عندي مشويٌ مسلوقٌ
وتدير القهوة (رنداحَــــــهْ)

وابتاعي قاتاً مِن هذا
أسَمِعتِ بقات (المذراحَـــــهْ)

أسرانا (القات) وأين سرى؟
جئنا مِنْ أوَّلِ فذَّاحَــــــــــهْ

طوَّفني (عَدَناً) و(المينا)
فنسيتُ (أثينا) الملاّحَـــــــهْ

* * *

وإليك تأبَّطني شوقٌ
شوقٌ أركَـبَني ألواحــــــــهْ

سَـرَقتني أمِّي ذاهلةٌ
وأنا ذاهلةٌ روَّاحَــــهْ

غنَّتْ سُمَّار زفافكمو!
فأضاع الحاسي أقداحَـــهْ

وأباريق (الصهبا) تهفو
واللَّيل (يُقَندل) أشباحَــــــــهْ

* * *

ما أحلى ذاك العرس، وما
وبكى وبكت: آحٍ يا حــــــهْ

سقط الغصنان: وحيد (فلا)
ووحيدة (جبر) و(جماحَــــهْ)

أطفى مصباحة مَن أطفى
وتلى المصباح المصباحـــــــــهْ

كم بين الزَّفةِ والمنعى؟
سبتان: كعمر الالماحَــــــــهْ

* * *

هل حرب قبائلكم نامت؟
تخبو كي تطغى لفَّاحــــــهْ

لا تستسميني لستُ أنا
خلفتُ هناك الفلاَّحَـــــــــهْ

وخرقتُ حدود: أبي،
زوجي، ووصايا أمّي اللحَّاحَــــهْ

ورحلتُ إلى، مِن أين إلى؟!
باب الرحلات الطوَّاحــــــــهْ

في مرمى العين إدارتُهُ
ورأتها فاغرة الباحَـــــــــهْ

وإليها أضحَتْ لاقَتها
مَن وصفتها بالبجَّاحَــــــــــهْ

قالت: كم ردّ خُـطَّاباً
يومياً جهراً وصراحَــــــهْ

وطني: أزواجي، مَنْ أهوى
طوبى لـ (فلاحٍ) و(فلاحَـــــــهْ)

مَن ذا تبغي؟ أرى هذا
هاكِ التذكرة الصدَّاحَــــــهْ

* * *

ودَّعتُ العمّ وكان يرى
صبوتَهُ الأخرى طـرَّاحَــــــهْ

فاستدناني، وأشار خُذي
محفظةً صغرى فسَّـاحَـــــهْ

إعطي هذا الدّيار، وذي
لسكرتيرتهُ الصلاّحــــــــــهْ

* * *

وطلعتُ الطائرة الملأى
قومي يا: هذي الرتَّاحَـــــــهْ

وبكفي (كرتٌ) ورديٌ
حيّا (عاهلة) الشوَّاحــــــــهْ

مَن ذا يدريني: أين أنا!
مَن حمل الدار الطفَّاحَـــهْ

حارَتْ، دَارَتْ، فـدَنتْ منها
صاحبةٌ جذلى شـرَّاحَـــــــهْ

هذي الأبواب: إلى وإلى،
هذا لا يعطي مفتاحَـــــــهْ

هذا البَّراد ومائدةٌ
سوقٌ وفتاةٌ ربّاحَــــــــــهْ

* * *

واختارَتْ (شقرا) مطَرحي
ما أحنا هذي الطرَّاحَــــــــهْ

وغشَتها سِنَةٌ ضافَيةٌ
أصَـحَتْ؟ أو كانت صـحَّاحَــــهْ؟

ورأتها تغدو سائرةً
بين المستشفى و(صُـباحَــــــه)

* * *

هل هذي (سبلى)؟ تلك سمَتْ
ودعاها (زُحَلٌ) (زحزاحَــــهْ)

أرَعَـيْتَ وإياها سنةً؟
وتجاوبنا وا: مرواحَــــهْ

* * *

وعشية جازت حارتنا
نادَتْ فأجبتِ: ممراحَــــــهْ

جازت بالحُسنى: أيّـكما
أختارت جرن (الطرماحَـــــهْ)؟

أسْعى أدنى مِن منزلنا
دخَلَتْ مشرقةً فوَّاحَـــــهْ

مرَّتْ ليلتنا بستاناً
والدَّار تبدّت كـ (سجَاحَـــهْ)

أمَّا عمّي وأبي وأخي
باتوا في الضيفَةِ سـرَّاحَـــــهْ

مَن نادى عمّي؟ جدّ أبي
سبقتهم تُصبي أفراحَــــــهْ

واستروَت حكمتُه فروى
أخبار (هُـذَيلٍ) وجُـلاحَــــــهْ

* * *

ونصرنا يوماً (ثعلَبةً)
باكرنا دُوْرْ البطّاحَــــهْ

قتلوا مِن صحبي أربعةً
وقتلنا (سُعدى) و(نجاحَــــــهْ)

هل نروي هذا عنك؟ أنا
أخبرتُ رُعاة البرداحَــــــه

قذفوا مائة منهم فينا
والليلةُ غضبى ريَّاحَـــــهْ

وتساقينا دَمَنا الجاري منّا
فينا قاحٍ قاحـــــــــــهْ

لا تدري (سُـعدى) مَن ندبَتْ
لا وصفَتْ أحداً نـوَّاحَــــهْ

وقصارانا أنا مُتنا..
وأمتنا مِنَّا (الجحجاحَــــــهْ)

ولفتنا الجمعَين فتىً
وحَّدْنا الشطَّين مَـنَاحَـــهْ

الموت أو المحيا أهنا
أنّا كُـنّا نأت الرَّاحَـــــهْ

حول الكاتب

وسام العامري