المشاورات اليمنية ومآلات العاصفة

منذ أواخر العام 2014م وقت تصريح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للعالم قاطبة بوعيد حاد ولهجة صارمة حازمة بتحرير صنعاء بيت العرب الأقدم وأصلهم الأول من سيطرة جماعة الحوثي بأنها ستكون خاطفة ناجزة وسريعة جداً وسيتم حسمها خلال أسبوعين فقط لا غير، لكن من كان يتخيل ممن سمع التصريح حينها بأن هذه الحرب سوف تطرق اليوم عامها الثامن على التوالي دون بادرة حسم تلوح في الأفق أو نتيجة إيجابية تخدم الشعب اليمني، ولا نتائج ملموسة لها سوى الإخفاقات المتعاقبة والعثرات المتتابعة وقائمة طويلة من الفشل والتخبط على كافة المستويات والأصعدة، ناهيك عن مسارات الارتهان الكلي للإمارات والمطامع الأخرى المخفية منها والمعلنة التي لبس بعضها غير لباسها الحقيقي وبغطاءات إنسانية خادعة وغامضة في الوقت ذاته، ودغدغة المواطن اليمني المنهك في الداخل والخارج وتخديره بدنو الفرج وأن الحل بات قريباً ولا يراه إلا بعيدا، وتحويل السفير السعودي إلى الحاكم الفعلي لليمن ولعب دور أشبه ما يكون بدور المندوب السامي البريطاني في عدن في مرحلة الاستعمار الإنجليزي، وهو الذي قام بالترتيب والاعداد الكامل لهذه المشاورات وإخراجها بهذه الصورة. لا بد من مظلة دولية وحاضنة إقليمية لانعقاد مثل هذه المشاورات ولهذا حرصت السعودية على انعقاد هذه المشاورات تحت مظلة اسم مجلس التعاون الذي لا يتحرك فيه حالياً سوى أمينه العام ولا يعكس بالضرورة إرادة ورغبة دول مجلس التعاون مجتمعة، فهذه المشاورات لا تقف خلفها جميع دول مجلس التعاون.

تقادم زمن الحرب السعودية الإماراتية على اليمن جعل منها منسية، والحرب الروسية على أوكرانيا اليوم عزز هذا النسيان في حسابات العالم المنشغل بالجائحة ثم بما يجري في أقصى شرق القارة العجوز، ورغم مرور السنين واقتراب العقد على الاكتمال في تاريخ الحرب اليمنية لم يتمخض الجبل بعدها حرفياً سوى عن فأر كمثل الذي قوض أسس وقواعد سد مأرب العظيم في تاريخ العرب القديم.

هذه الحرب الطاحنة التي طحنت الشعب اليمني المطحون أصلاً استنزفت ميزانيته المتهالكة على مستوى الفرد والدولة والمنهوبة لعقود خلت انتهت حرب السنين فيها واستحالت ساخرة إلى إقامة مشاورات يمنية يمنية كما كان مأمولاً لها، وما كان مأملاً أصبح عقيماً بغياب العنصر الرئيس لقيام الحرب واختتامها بهذه المشاورات وهو المكون الحوثي مما جعل من المشاورات تأخذ شكل المنتدى فليس له رئيس أو برنامج وجدول أعمال، فلا عبد ربه وحكومته جزء من هذه المشاورات ولا الطرف الذي قامت الحرب بسببه، حتى بدت هذه المشاورات كعرض دمى لمكونات غير فاعلة في المشهد اليمني ومجرد عرض مسرحي هزلي مغلق في إحدى صالات الترفيه في الرياض مما دفع منظمي هذه المشاورات إلى دعوة بعض الشخصيات اليمنية المثيرة للجدل والنشطاء من منصة اليوتيوب والغير متفق عليهم من اليمنيين لسد الخلل وملئ الفراغ بحشد أكبر عدد ممكن ولو كانوا ممن شتموا السعودية سابقاً، وكأن ما يجري ليست مشاورات بينية بل حلقة من حلقات مسلسل الترفيه والتتفيه برعاية تركي آل الشيخ لا أقل ولا أكثر.

نقلاً عن اللواء القطرية

حول الكاتب

وسام العامري