الحرب الروسية الأوكرانية .. والتصريحات البهلوانية

مع الحرب الروسية الأوكرانية الدائرة منذ اليوم الرابع والعشرين من الشهر الماضي، سال الكثير من الحبر وآلاف بل عشرات الآلاف إن لم يكن الملايين من الساعات التحليلية على الشاشات ومنصات الأخبار المختلفة لجميع المحللين والكتاب من جميع أنحاء العالم لمناقشة توقعات ومآلات الحرب الدائرة تحليلاً وتنظيراً واستقراءً.

لكننا هذه الأيام نشهد حالة سياسية فريدة عبارة عن خليط غريب من الكوميديا الصفراء ، فقد أُصيب جهاز التفكير بجميع أنواعه الخمسة وأنماطه الثمانية لدى كبار المحللين والكُتاب السياسيين والعسكريين في الخليج والوطن العربي بل والعالم أجمع بشد عضلي نتيجة تقلب بهلواني بصورة متسارعة إزاء الحرب بتصريحات التحفظ مرة، والتأييد غير المباشر تارة لطرف على طرف، والإدانة تارة أخرى، واتخاذ خطوات لصالح طرف على حساب الطرف الآخر مجدداً، وكأن تصريحات ومواقف هذه الدولة أشبه بتقلب أسهم بورصة صعوداً ونزولاً بين الأخضر والأحمر. التعامل مع السياسة بطريقة لاعب الجمباز أو بمنطق سوق البورصة المتغير كل لحظة ما هي إلا صورة من صور النفاق السياسي ، وضرب لبوصلة الرؤية عرض الحائط، فحينها لا تسألن عن البوصلة أو البصيرة أو الرؤية أو التوازن السياسي أو أو..

فهذه هي النتيجة الطبيعية جداً لإختلال الموازين، وفقدان البوصلة، وضياع المبادئ المطلق لحساب المصالح والنفعية الحادة. أكاديميو وأساتذة الجامعات المتخصصون بالعلوم السياسية والعلوم الإقتصادية والإدارية ومواد الإقتصاد السياسي والقانون والحقوق في أعرق جامعات العالم يعرفون علم السياسة بأنها “فن الممكن”، ويضيفون عليها: “فن الموازنات بين المصالح والمبادئ”، أو بتعبير آخر الموازنة بين البراغماتية “النفعية” و المبدئية “الأخلاقية”، بحيث لا يطغى أحد منهما على الآخر، ويتناغم كل منهما مع الآخر بصورة متوازنة تحفظ للدولة هيبتها ومكانتها التي تليق بها، ولتجنيب الدولة وسيادتها واحترامها أمام شعبها والعالم أن تظهر بصورة مهزوزة أو مشوهة أو معتلة أو مختلة.

لكن لو اجتمع أساتذة وفلاسفة وفطاحلة العلوم السياسية والاقتصادية والإدارية والقانونية والحقوقية في القديم والحاضر ومن كل مستويات السلم الأكاديمي في كل جامعات العالم أعرقها وأدناها، وعقدوا ندوة دراسة مغلقة وخاصة جداً لتفسير وتحليل هذه الحالة البهلوانية فماذا عساهم أن يقولون.؟! وكيف ستكون مخرجات هذه الندوة الاستثنائية.؟! أعتقد يقيناً جازماً أن هذه الحالة لا يستطيع تفسيرها سوى أرخص الممثلين الكوميديين قيمةً في سوق بوليوود الهندية فقط لا غير.

نقلاً عن اللواء القطرية

حول الكاتب

وسام العامري